أظهرت احدي مقاطع الفيديو التي يتم تداولها حديثاً بين عدد كبير من مستخدمي مواقع اليوتيوب والفيس بوك الأستاذ الدكتور نورمان فنكلشتاين، وهو كاتب أمريكي يهوديومتختصص فيالعلوم السياسية، أثناء قيامه بإلقاء محاضرة عامة في جامعة "واترلو" الكندية، حينما أثارت احدي الطالبات مسألة المحرقة للحصول علي دعم وإستعطاف الحاضرين، واحتجت علي قيامه بمعاداة كل ما تفعله إسرائيل ووصفه لها بالدولة النازية، ثم بكت قائلة "ان هذا الأمر مهين جداً للناس الذين عانوا من حرب النازيين"، فأجاب عليها الدكتور فنكلشتاين قائلاً: " أنا لم أعد أحترم هذا، وأنالا أحب، ولا أحترم دموع التماسيح". وبعد أن تزايد صوت صخب الحضور في القاعة احتجاجاً علي كلامه، استطرد قائلاً: " انا لا أحب أن أقدم قضية الهلوكوست لجمهور أجنبي، ولكنني أجد نفسيالآن مضطراً لذلك، أبي الراحل كان في أوشفيتز، وأمي كانت في معسكر اعتقال،كل فرد من عائلتي من الجهتين تمت إبادته، وأنا بسبب الدروس التي علمنيإياها أبي بالتحديد وبالضبط، لن أصمت على الجرائم التي تقترفها إسرائيل ضدالفلسطينيين، وأعتبر أنه لا شيء أكثر إثارة للتقزز من استخدام معاناتهملتبرير التعذيب والاضطهاد وتدمير المنازل الذي تمارسه إسرائيل بحقالفلسطينيين يومياً، لهذا لم أعد أتأثر بهذا النوع من الدموع". وبعدها خاطبالدكتور فنكلشتاين الطالبة اليهودية الباكية قائلاً: "إذا كان هناك أي قلب في داخلك، فمن واجبك أن تبكي لأجل الفلسطينيين".
يذكر أن الدكتور نورمان فنكلشتاين يعتبر واحداً من أهم المؤرخين اليهود المعادين للفكر الصهيوني ولسياسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وقد سبق أن صدر له كتاب بعنوان "صناعة الهولوكوست" في مايو 2001، والذي نشرت ترجمته إلي اللغة العربية دار الآداب في بيروت، وهو الكتاب الذي أثار جدلاً واسعاً فور طرحه في الأسواق ومناقشته في بعض وسائل الإعلام الغربية، لكونه يذهب إلي تفنيد الكثير من الإدعاءات الإسرائيلية ويكشف كيفية استغلالها لمسألة "المحرقة" اليهودية علي يد النازية، كما ذهب إلي تناول الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، ويمثل هذا الكتاب أهمية خاصة ناجمة عن شخصية مؤلِّفه وعن الوثائق التاريخية التي اعتمد عليها في دراسته، بالإضافة إلى تقارير منظمات حقوق الإنسان العالمية والإسرائيلية منها.
في أوائل الثمانينات من القرن المنصرف ظهر للوجود فيلم "حب فوق هضبة الهرم"، جُسد فيه موقف كاتب صحفي معارض، قام بتأديته باتقان الممثل المبدع صلاح نظمي، وتظهر احدي مشاهده هذا الصحفي وقد ذهب إليه بطل الفيلم (أحمد زكي) أثناء وجوده في المقهي الذي أعتاد الجلوس فيه، يطلب مساعدته في حل مشكتله الحيوية بالتفكير في الزواج، مذكراً أياه بكل القيم والمبادئ والأفكار التي تضمنتها كتاباته ومقالاته الصحفية الجرئية حول الوضع المأساوي الذي يعيشه شباب الطبقة الوسطي في مجتمع الإنفتاح، حيث هم هذا المثقف الانتهازي مسرعاً إلي مغاردة المقهي، ومتجهاً إلي ركوب سيارته المرسيدس الفارهة، بعدما أعطي ظهره لبطل الفيلم البائس وأكدت كلماته الصادمة والموجهة إليه عدم قدرته علي فعل أي شئ بخصوص هذا الأمر، وأن كل ما يكتبه من آراء لا يتعدي كونه مجرد كلام جرائد.
ذلك المشهد السينمائي الموجز والرائع، ذكرني بما تعيشه الحياةالسياسية في مصر هذه الأيام بعد ان كشفت احدي الصحف عن وجود صفقة انتخابية، ابرمت سراً بين حزب الوفد والحزب الوطني الحاكم، يضمن بها الأخير فوز الأول بـ 23 مقعداً علي الأقل في انتخابات مجلس الشعب المقبلة علي حساب الإخوان المسلمين، في مقابل عدم تقديم الوفد أي شكل من أشكال الدعمأو التعاطف مع الدكتور محمد البرادعي، أو برنامج "الجمعية الوطنية للتغيير" التي دشنها المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية بمشاركة عدد من الأحزاب والقوي السياسية، وكذا المؤتمر الهزلي الذي عقده بالوكالة عن الحزب الحاكم أعضاء تحالف ما يسمي بـ "كتلة أحزاب المعارضة"، والذي شارك فيه كل من الحزب الجمهوري الحر، وحزب الشعب الديمقراطي، وحزب مصر العربي الاشتراكي، وحزب الاتحاد الديمقراطي، بهدف الإعلان عن موقفهم الرافض لترشيح البرادعي لانتخابات الرئاسة المقبلة في ضوء تبنيه لأجندة سياسية ذات صبغة خارجية وافتقاره إلي المعايير والصفات التي تؤهله للترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، كما ذهبوا إلي إعداد قائمة طويلة من الاتهامات تتركز بالأساس عليولائه لأمريكا وقيامه بالتغطية علي البرنامج النووي الإسرائيلي، مؤكدين أنه تعمد عدم إثارة هذا الملف طوال فترة رئاسته للوكالة الدولية للطاقة الذرية علي حد قولهم.
صحيح أن القيام بعقد الصفقات السياسية والانتخابية ليس أمراً جديداً علي تاريخ الحياة السياسية والنيابية في مصر، وأنه ظل يشكل جزءً رئيسياً من منظومة التفكير السلطوي التي تسعي دائماً إلي فرض الهيمنة والسيطرة دون وجود قوي منافسة، ولكن خروج مثل هذه الصفقات المشبوهة في هذا التوقيت الحرج علي وجه التحديد، والذي يطالب فيه الجميع كل الأحزاب والقوي السياسية بضرورة الإلتفاف والتوحد عليمرشح واحد في سباق الانتخابات الرئاسية القادمة، رغبة منهم في زيادة درجة انفتاح "النوافذ السياسية" التي توفر فرصاً للفعل الحقيقي الراغب في تفعيل خطوات الإصلاح الدستوري والسياسي، وتعمل في اتجاه مواجهة القيود والعراقيل التي يضعها النظام السياسي أمام أي فعل جماعي مشترك من أجل المحافظة علي الوضع الراهن والذي يحقق مصالحه، ما هو إلا تكريس لحالة الفوضي البنيوية التي تسيطر علي عدد كبير من أحزاب المعارضة الرسمية منذ زمن ليس بالقليل.
فبالرغم من زيادة عدد الأحزاب الرسمية من الناحية العددية، إلا أن المرء لا يجد لها تأثيراً واضحاً بين الجماهير، ويكفي أن نشير هنا إلي تواضع ارقام عضوية هذه الأحزاب التي ظلت تعمل لفترات طويلة نسبياً دون أن تستطيع توفير الحد الأدني من القواعد الجماهيرية، التي يمكن الاعتماد عليها للحصول علي مزيد من الاستحقاقات الانتخابية واحتلال مواقع سياسية مؤثرة داخل بنية السلطة في مختلف هياكل ومؤسسات النظام السياسي المصري، الأمر الذي شكل سبباً رئيسياً وراء حصول كل الأحزاب السياسية الرسمية مجتمعة في الانتخابات البرلمانية لعام 2000 على 17 مقعد فقط، كما أبلت هذه الأحزاب بطريقة أكثر سوءًا في انتخابات 2005 حينما حصلت على 12 مقعد فقط.
والحقيقة أن أغلب هذه الأحزاب قد نشأ في صورة نخبوية وبمباركة من الحزب الحاكم نفسه لإضفاء صفة التعددية الحزبية علي النظام السياسي، وبعضها حصل علي صفة الوجود القانوني من خلال المحاكم الإدارية، ولكنها ظلت بعيدة عن التفاعل والتواصل مع الجماهير، نتيجة جمود خطابها السياسي وفشلها في طرح بديل حقيقي يسعي إلي المنافسة علي السلطة، وعدم قدرتها علي ابتكار آليات ووسائل جديدة لتوفير التمويل السياسي اللازم، والذي يضمن بقاءها ويساعدها علي إنجاز الوظائف والأهداف التي تعظم من قدرتها التنافسية في مواجهة الحزب الحاكم، بالإضافة إلي إفتقار غالبية هذه الأحزاب إلي الممارسات الديمقراطية الداخلية عند اختيار القيادات والكوارد الحزبية، ولعل ما شهده حزب الوفد من أحداث عنف وبلطجة في داخل مقره كنتيجة للصراع علي رئاسته، واستمرار تزايد القضايا المنظورة في المحكمة الإدارية العليا بشأن النزاعات القائمة علي رئاسة عدد كبير من الأحزاب الأخري خير دليل علي ذلك، وهو ما يذكرنا بالمثل الشعبي القائل بأن "فاقد الشيء لا يعطيه".
بيد أن الأخطر في كل العوامل السابق ذكرها أنها تعمل في اتجاه تكريس ظاهرة عدم ثقة المحكومين في الأفراد القائمين علي السلطة من الحكومة والمعارضة علي حد سواء،فبدون توافر عناصر الثقة السياسية المتمثلة في القدرة والمسئولية يصعب بناء النظام الديمقراطي والنهوض بالمجتمع، وتزداد درجة فقدان الأمل في إيجاد البديل القادر علي تلبية الأهداف والمصالح العامة، أن الجماهير لا يقبلون علي المشاركة في الانتخابات بمزيد من الحيوية والدأب، إلا حينما يتوافر لديهم قدر كبير من الثقة في شفافية ونزاهة المؤسسة الانتخابية من جانب، وفي الأفراد المرشحين للدفاع عن حقوقهم تجسيداً للصالح العام من جانب آخر، ومن ثم فتنامي الشعور بعدم الثقة السياسية من جانب أغلب المواطنين، يحول دون تحقيق الهدف الرئيسي من الانتخابات والمتمثل في التدوال السلمي للسلطة، وهو الأمر الذي أطلق عليه البعض تعبير الخدعة الانتخابية "Fallacy of Electoralism"، بمعني أن الانتخابات في مثل هذا السياق غير الصحي لا تكون آلية للتعبير عن مدي رضاء المحكومين عن حكامهم، وإنما يتم إستخدامها من أجل إظهار واجهة ديمقراطية مزيفة تخفي ورائها نظام بعيد كل البعد عن الحد الأني من معايير النظام الديمقراطي، فتكون عبارة عن آلية لتقنين الحكم التسلطي، أو بعبارة أدق التسلطية ذو الوجه الديمقراطي.
المعركة الحقيقية لكافة الأحزاب والقوي السياسية في مصر اليوم هي معركة الحصول علي ثقة الجماهير في مواجهة نظام سياسي مترهل وفاقد للشرعية، يحاول أن يوظف ما لديه من هياكل وأدوات قانونية صنعها هو دون مشاركة من قبل الآخرين، لإستمرار إشاعة مناخ عدم الثقة السياسية والذي بات يشكل الضمان الوحيد والأوحد لفرض هيمنته علي السلطة، واستمرار وجود قياداته من شاغلي المناصب المستفيدين والمتربعين في مراكزهم، وهو بهذا يضع نفسه في حالة توتر دائم قد تعجل بفنائه إذا ما نجحت القوى المعارضة والمستقلة عن الحكومة أن تقدم شرعية بديلة.
بقلم/ إسلام حجازي
موقع الحوار المتمدن، العدد (2953)، الأربعاء 23 مارس 2010
أكدت جريدة اليوم السابع قيام وزيرة القوى العاملة والهجرة عائشة عبد الهادى بصرف 15 يوماً مكافأةللعاملين فى ديوان عام الوزارة بمناسبة نجاح العملية الجراحية للرئيسمبارك.وأضافت الجريدة أن الوزيرة علقت علي هذا الأمر بقولها:" إنها تتمنى أن يتبعها جميع الوزراء والمسئولين فى فرحتهابنجاح العملية الجراحية للرئيس مبارك فى مستشفى هايدلبرج فى ألمانيا،مضيفة أنه على كل وزير الاحتفال بالرئيس بصحبة العاملين معه على الأقل فىديوان الوزارة لأنه يعد أب لجميع المصريين وعلينا جميعاً الاحتفال بنجاحالعملية الجراحية لوالد جميع المصريين".
يذكر أن هذا القرار يأتي ضمن سلسلة القرارات والأفعال المثيرة للجدل، والتي اعتادت وزيرة القوي العاملة عليها بهدف توثيق العلاقة مع أفراد الأسرة الحاكمة، والتي كان من أبرزها مقطع الفيديو الذي تم نشره علي عدد كبير من المدونات والشبكات الاجتماعية مثل الفيس بوك واليوتيوب، والذي ظهرت فيه وزيرة القوي العاملة والهجرة وهي تقبل يد السيدة سوزان مبارك –قرينة رئيس الجمهورية- خلال مشاركتها في فعاليات المؤتمر السنوي السادس للحزب الوطني الديمقراطي الذي عقد تحت شعار "من أجلك أنت" خلال الفترة الممتدة من 31 أكتوبر إلي 2 نوفمبر 2009.
قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان اليوم، أن وزارة الداخلية ما زالت تمارس تحديها للقانون وعبثها بالعدالة ، لمحاولة الزج بالمدون المعروف وائل عباس في السجن ، حيث فوجئ عباس بصدور حكم جديد ضده في نفس القضية الملفقة التي صدر الحكم فيها منذ أسابيع قليلة بالبراءة لثبوت واقعة التلفيق ضده ، بنفس الحكم “حبس ستة أشهر وكفالة 500جنيه لوقف التنفيذ” ولكن باتهام جديد هو تقديم “خدمة اتصالات للجمهور بدون ترخيص من الجهات المختصة ! ” ، وهي التهمة التي سبق وأن استبعدتها النيابة العامة في القضية السابقة “إتلاف وصلة سلك إنترنت” ، ليفاجأ المدون ومحاموه بالشبكة العربية بصدور حكم جديد في هذه القضية التي سبق الحكم فيها فعليا من قبل.
ويفضح هذا الحكم الجديد الذي صدر بغير الطريق الذي رسمه القانون ” حيث اكتشف محاميي وحدة الدعم القانوني لحرية التعبير بالشبكة العربية أنه ليس له اثر في الأوراق الخاصة بالنيابة العامة ” أن هناك يد خفية حركت القضية وأهدرت قرار النيابة العامة بعدم الاعتداد بها ، حيث أوصلت هذه اليد الخفية الأوراق للمحكمة الاقتصادية كقضية جديدة ، ليصدر حكم جديد بالحبس فيها.
وقال جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” هناك عبث وإستهتار شديد بالقانون تكشفه ألاعيب وزارة الداخلية يوما بعد يوم بتلفيق هذه القضايا ، فنحن أمام قضية سبق الحكم فيها ، وتم تبرئه المدون بعد كشف التلفيق ، لنفاجأ بحكم جديد وسريع ، وحملة أمنية تستهدف سجن المدون وائل عباس ، ورغم ما يزيد عن عشرة ملايين حكم قضائي لم ينفذ في مصر، تنشط وزارة الداخلية لتنفيذ حكم بالحبس ضد مدون تكن له عداء شديد ، فقط بسبب مدونته التي يفضح فيها جرائم التعذيب والفساد في مصر ، ليس هناك دولة تحشد كل قوتها الأمنية للانتقام من شاب سوى مصر”.
وقد قررت الشبكة العربية ألا تكتفي بموقف المدافع القانوني عن المدون فقط ، بل قررت أن ترفع قضية” بلاغ كاذب” ضد المواطن الذي تتخفى خلفه وزارة الداخلية وهو شقيق أحد ضباط الشرطة ، لاسيما وأن المحكمة قد كشفت عن تلفيق القضية التي رفعها ضد وائل عباس ، وحكمت بالبراءة.وقال جمال عيد” سوف ننتظر موقف النيابة العامة التي حركت القضية الملفقة ضد وائل عباس وتم الحكم فيها بالبراءة ، وماذا ستفعل حين تكون القضية هذه المرة ضد مواطن تستخدمه وزارة الداخلية كواجهة لهذه القضايا التي لا تمت للقانون بصلة.