الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

الثقافة الافتراضية وتحولات المجال العام السياسي: ظاهرة الفيس بوك في مصر نموذجاً



ربما كانت أهمية دراسة "الثقافة الافتراضية وتحولات المجال العام: ظاهرة الفيس بوك في مصر نموذجاً" لمؤلفها إسلام حجازي المعيد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والصادرة ضمن سلسلة قضايا من المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية، أنها تُشير إلي واحدة من الحقائق التي يشعر الجميع بوجودها، لكنهم لا يعرفون غالباً تعقيداتها، فقبل عدة سنوات كان "الواقع الافتراضي" أشبه بأفلام الخيال العلمي، أوتكنولوجيا ألعاب الفيديو، لكن لم يلبث الجميع أن أدركوا أن الأمر قد تجاوز ذلك بكثير إلي تشكيل ما يُشبه عالم واقعي داخل العالم الافتراضي، ووصل الأمر إلي حدوث صدام بين العالم الافتراضي وساكنيه، مع عالم الواقع، بل ووجدت قوي اعتادت علي العمل في المجال العام الذي تعرفه، فرصة للتفاعل مع سكان العالم الآخر.
فلا شك أن التكنواوجيا الحديثة وتطبيقاتها قد خلقت عالماً موازياً يوجد علي الانترنت، ووجد جيل كامل ممن لا يرتبطون بعلاقة تفاعل حقيقة مع مؤسسات العالم الحقيقي، كالأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني، مكاناً لهم في العالم الافتراضي، ليقوموا بتشكيل جمهوريات، أو محاولة تخيل ذلك، وتنظيم إضرابات، أو محاولة عمل ذلك، وبرز إسم كبير تُركز عليه هذه الدراسة، هو "الفيس بوك"، الذي شكل واحداً من أهم القارات الكبري البارزة في العالم الافتراضي. وبالرغم من وجود اعتقاد سائد بين عدد كبير من الأكاديمين والباحثين في دول العالم الثالث بأن البحث في المجتمعات الافتراضية يعد نوعاً من أنواع الترف العلمي الموجود في الدول المتقدمة، وهو أمر قد يكون له مايبرره، خاصة وأن غالبية هذه الدول تعاني من وجود عدد لا حصر له من المشكلات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتفاقمة، التي قد يكون لها الأولوية في الدراسة والتحليل علي العلاقات الافتراضية المجردة، ولكن قد يختلف الأمر عندما يؤثر ما هو افتراضي علي ما هو واقعي في شتي نواحي الحياة، أو حتي حينما تزداد حالات هروب الإنسان من عالمه الواقعي الذي ألف العيش فيه بكل ما فيه من تفاعلات وعلاقات ومشاكل وهموم إلي عالم آخر أو حياة ثانية تتجاوز حدود تلك المشكلات وتتميز بالسهولة والترف والمجانية واللامحدودية.
إن هذه الدراسة تحاول أن تطرح مرة واحدة كل الأسئلة التي ثارت في الفترة الأخيرة بشأن الثقافة السائدة في ذلك العالم الافتراضي الجديد، وتظل هذه الدراسة شديدة الأهمية، باعتبارها تشكل واحدة من الدراسات الأولي التي تحاول دراسة حدود تأثير ظاهرة "الفيس بوك" في تشكيل الثقافة الافتراضية لدي الشباب ومعرفة قدرتها علي ترتيب الأولويات والقضايا ا لموجودة في داخل الأجندة السياسية الخاصة بالمجتمع، وذلك باعتبارها أحد العوالم الافتراضية الوليدة التي قام بنحتها مجموعة من الشباب، الذين قرورا عدم الانزواء السياسي وفضلوا التفاعل مع الشارع عن طريق استخدام الانترنت في مجالات غير تقليدية، وكوسيلة متطورة للتعبير عن الرأي دون قيود وللتخلص من ظاهرة "الاحتباس السياسي " المفروضة عليهم، والناتجة عن التناقض الموجود بين القيم والمبادئ والأفكار والمعتقدات التي يؤمنون بها وتلك التي ينشرها مسئولي النظام الرسمي داخل الفضاءات التقليدية الموجودة في الواقع الإجتماعي.